يهدف المعهد الدولي لإدارة المياه إلى التعامل مع أعراف المجتمع والنوع الاجتماعي الراسخة التي تحد من وكالة المرأة مع تعزيز التعليم والقيادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
10 ديسمبر 2024 | بمنشور من قبل IWMI
ببقلم سوسن غرايبه ولويز سارانت وستيفن فراغاتسي

بمناسبة حقوق الإنسان – المتزامنة مع ختام حملة الستة عشر يومًا من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي – تشكّل تذكيرًا هادئًا ولكنه ملحّ، بالعنف المستمر الذي تواجهه النساء في أنحاء العالم. ومع تصاعد آثار تغير المناخ، تتضاعف احتمالات العنف ضد المرأة، مما يستوجب اعادة النظر في كيفية تصميم برامج إ التكيف مع المناخ بطريقة تحول الممارسات السلبية الى ممارسات ايجابية.
يشير العنف القائم على النوع الاجتماعي (GBV) إلى أفعال ضارة موجهة ضد أفراد استنادًا إلى جنسهم، ونابعة من ديناميكيات قوة وأعراف مجتمعية غير متساوية. ويشمل العنف الجسدي، والجنسي، والنفسي، والاقتصادي، فضلًا عن التحرش عبر الإنترنت، والاتجار بالبشر، والممارسات الضارة مثل ختان الإناث وزواج الأطفال.
كشف الدراسات الأكاديمية المتزايدة أن تغير المناخ، خصوصًا في أوجهه المتطرفة، يُفاقم الأعراف التمييزية ويغذي العنف القائم على النوع الاجتماعي.. فالأعاصير بجميع أنواعها، وموجات التسونامي والجفاف، والفيضانات لا تدمر الممتلكات وتتسبب في نزوح المجتمعات فحسب، بل تزيد أيضًا أوجه عدم المساواة الحالية سوءًا، مما يجعل النساء والفتيات أكثر عرضة لأخطار أكبر بكثير متمثلة في الزواج المبكر، وفقدان المدخرات والأصول، وخطر الاستعباد، والاتجار بالبشر، والاستغلال الجنسي.
والأمثلة كثيرة على أرض الواقع. في إثيوبيا، أدت موجات الجفاف المتكررة إلى ارتفاع مذهل بنسبة 119٪ في حالات زواج الفتيات المبكر العام الماضي،. وفي أعقاب زلزال عام 2015 في نيبال، ذكرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن الاتجار بالبشر زاد أربعة أضعاف، مما يؤثر في 12,000-20,000 امرأة سنويًا.
كشف تقرير “الممارسات الناجحة” (What Works) -المدعوم من حكومتي المملكة المتحدة وأستراليا- في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (COP29) أن ارتفاعًا متواضعًا بمقدار درجة مئوية في متوسط درجات الحرارة السنوية ارتبط بزيادة بنسبة 4.5٪ في العنف المنزلي في ثلاثة بلدان جنوب آسيوية. كما أظهر أن الحر الشديد في أستراليا يزيد حوادث العنف المنزلي مقارنة بأنواع أخرى من الجرائم، مؤكّدًا أن ارتفاع درجات الحرارة يفاقم نقاط ضعف المرأة أينما كانت. وفي الوقت نفسه، أبرز التقرير حالات واعدة حيث يمكن أن يؤدي التعامل مع مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي إلى تعزيز برامج التكيف المناخي.
تمكين المرأة العربية للتكيف مع تغير المناخ
بعد أكثر من 15 عامًا من العمل مع المنظمات المجتمعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، شهدنا كيف يمكن للمرأة، من خلال التمكين، أن تُحدث تحوّلًا في مجتمعات بأكملها. هناك مثال ملهم في جنوب الأردن، حيث تقدمت منظمة مجتمعية بقيادة نسائية بطلب لمنحة لإنشاء صندوق متجدد لتركيب 30 نظامًا صغيرًا لتجميع المياه. وقد دعمت هذه المبادرة أكثر من 1,000 أسرة، لتصبح شهادة حية على قوة وفاعلية القيادة النسائية في التكيف مع آثار تغير المناخ.
في الآونة الأخيرة، سهل المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI) إنشاء جمعية في وادي السير -قرية في غرب عمّان- مكرسة لإصلاح ينابيع المياه المتهالكة في المنطقة. وفي خطاب تنصيبها، أكدت الرئيسة المنتخبة حديثًا على الحاجة إلى الشمول والاستدامة، راسمة طريقًا ملهمًا نحو المستقبل من أجل رسالة الجمعية.
إن تمكين المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من تولي أدوار صنع القرار في مجال إدارة الأراضي والمياه قد تترتب عليه آثار تحولية. وفي المعهد الدولي، ندرك أن الشباب والنساء هما المحركان الرئيسان للتغيير، خصوصًا في الزراعة الذكية مناخيًا، حيث تحظى أصواتهم بدور حيوي.
مشروع المرونة+: توسيع نطاق منع العنف القائم على النوع الاجتماعي في الحلول القائمة على الطبيعة
اعترافًا بالأدلة العالمية المتنامية على الدور الحيوي للبرامج الشاملة في الأثر المستدام، تحولت مبادرة المعهد الدولي الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشأن الحلول المرنة لإدارة المياه وحماية الطبيعة إلى مشروع المرونة+. بعد أن أعلنت عنه وزيرة التنمية الدولية بالمملكة المتحدة أنيليز دودز في المؤتمر التاسع والعشرين للأطراف، يهدف المشروع إلى تمكين المجتمعات الريفية في مصر، والأردن، ولبنان، والأراضي الفلسطينية المحتلة من تنفيذ حلول مرنة لإدارة المياه وحماية الطبيعة تتضمن تحولات في النوع الاجتماعي.
سيتعامل المشروع مع أعراف المجتمع والنوع الاجتماعي الراسخة التي تحد من وكالة المرأة مع تعزيز التعليم والقيادة. ومن خلال تمكين المرأة بوصفها صانعة قرار في الحلول المرنة، تسعى المبادرة إلى ضمان الوصول المتساوي إلى الموارد والفرص لكل من النساء والرجال، والارتقاء بمجتمعات بأكملها. وستكون النساء المدربات على الزراعة المستدامة في وضع أفضل للتعبير عن احتياجاتهن وتأمين الموارد الحيوية، مما يخفف من الضغط الاقتصادي الذي وقع تاريخيًا على الرجال ويقلل من مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.
في الأشهر المقبلة، سيبحث مشروع المرونة+ كيفية إدراج منع العنف القائم على النوع الاجتماعي في المبادرات الزراعية الذكية مناخيًا لتحسين استيعاب الحلول المرنة وتشجيع التنمية المستدامة. وتشير الملاحظات الميدانية إلى أن المشروع سيوفّر رؤى عميقة وقيمة. يجب على واضعي السياسات والممارسين والمجتمعات أن يدركوا أن تمكين المرأة وإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي ليس مسألة عدالة فحسب، بل عامل تمكيني أساسي لتحقيق إدارة مستدامة ومرنة للموارد الطبيعية.
بينما ندرس نقاط الالتقاء بين تغير المناخ والعنف القائم على النوع الاجتماعي، يصبح واضحًا أن معالجة هذين التحديين معًا تتيح فرصة ذهبية لبرامج التكيف وتعزيز مرونة المجتمعات في مواجهة الظواهر المناخية المتطرفة. لنصنع مستقبلًا لا تكون فيه النساء – مثل أولئك اللاتي التقينا بهن في تلك القرية الأردنية – مجرد ناجيات، بل قائدات يصنعن مصائرهن بأيديهن.
 
			 
			 
			 
			