سيكون المركز بمثابة مركز تعليمي ومجتمعي وتسويقي لتبادل المعارف وبناء الروابط، ليسهم في تشكيل فرص جديدة لنساء عزبة الحمراء.
5 أغسطس 2024 | منشور من قبل IWMI
بقلم نورة عبدالوهاب، ولويز سارانت

عزبة الحمراء، التي تضم 25 ألف نسمة، تقع على بُعد 25 كيلومترًا من مدينة الإسكندرية بمحافظة البحيرة، وهي مركز تاريخي لإنتاج الغذاء في غرب دلتا النيل. وتشتهر المحافظة بإنتاج الخرشوف، وهو محصول مربح يتطلب مياهًا كافية ذات نوعية جيدة كما هو الحال عند رأس الترعة الرئيسة في عزبة الحمراء. أما المزارعون الذين تقع أراضيهم عند نهاية الترع الفرعية (القنوات الثلاثية)، فيواجهون صعوبات بسبب ارتفاع ملوحة التربة وعدم انتظام الحصول على المياه.
لبناء القدرة على مواجهة تغير المناخ من خلال تعزيز الأمن المائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يعمل المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI) على دعم تبنِّي الحلول المرنة لإدارة المياه وحماية الطبيعة (RNBWS) في مصر والأردن ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك من خلال مشروع “المرونة“(Al Murunah) الذي يعني اسمه العربي “المرونة”، الممول من وزارة الخارجية وشئون الكومنولث والتنمية (FCDO) في المملكة المتحدة. يُطبق مشروع “Al Murunah”، الذي يعني اسمه العربي “المرونة”، مجموعات من التدخلات المصممة خصيصًا لكل سياق بناءً على نوعية التربة، وخصائص المياه، والمناخ وخصائص السوق في كل سياق. وفي عزبة الحمراء، يتعامل المشروع مع ثلاثة تحديات مترابطة: شح المياه، وجودتها، وملوحة التربة، من خلال اختيار المحاصيل المثلى وتوفير التدريب على الزراعة المستدامة والري. ومع ذلك، تتجاوز طموحات مشروع المرونة التدخلات الاقتصادية البحتة؛ إذ يسعى إلى التصدي أيضًا للأعراف الاجتماعية والثقافية التي تُقيِّد حاليًّا تمكين النساء والشباب.

تنظيف الخرشوف للحفاظ على استقرار الأسرة
في عزبة الحمراء، يشارك معظم السكان، بغض النظر عن الجنس، في الأعمال الزراعية. رغم المساهمات الكبيرة للنساء الريفيات، فغالبًا ما يُتجاهل عملهن، وتُدفع لهن أجور زهيدة، على عكس نظرائهن من الرجال الذين يمتلكون الغالبية العظمى من الأراضي ويتولون مناصب رسمية داخل جمعية التعاون الزراعي ورابطة مستخدمي المياه (WUA).
تقول نورة عبد الوهاب، المسئولة عن المكون المتعلق بالنوع الاجتماعي في مشروع المرونة: “هؤلاء النساء مشغولات جدًّا. هن يستيقظن قبل الفجر، ويعتنين بأطفالهن وكبار السن في الأسرة الذين يعيشون معهن، ويطعمْن الحيوانات، ويساعدن أزواجهن في المزرعة، ويصنعن الزبدة أو السمن أو الجبن لإطعام الأسرة أو لبيعها خارج المنزل للحصول على دخل إضافي”.
ورغم جداولهن المزدحمة، فتتمكن العديد من النساء أيضًا من تخصيص بعض الساعات للعمل في “النوالة”، مصنع لتصنيع الخرشوف المحلي. يقع المصنع على الضفة المقابلة مباشرةً للترعة الرئيسة، وهو مساحة خارجية واسعة محمية من الشمس بسقف من القماش المشمع، ويحده حقل خرشوف أخضر داكن.
داخل المصنع، مزوَّدًا بسكاكين حادة ودلاء بلاستيكية، تقوم النساء بتنظيف وتقطيع وتقشير آلاف براعم الخرشوف، التي تُنقع بعد ذلك في براميل من الملح أو حمض الستريك قبل نقلها إلى مصنع تجهيز الخرشوف للتصدير أو التوزيع في السوق المحلي؛ حيث الطلب محدود بسبب ارتفاع سعر الخرشوف وندرة استخدامه في المطبخ المصري التقليدي.
تقول نعيمة عبد العزيز محمد، المقيمة بعزبة الحمراء ووالدة لثلاثة أطفال، وتبلغ من العمر 30 عامًا: ” نتقاضى أجورنا يوم الخميس، بناءً على عدد براعم الخرشوف التي قمنا بتقشيرها خلال الأسبوع”، مؤكدة أن هذه المرونة مهمة بالنسبة لهن. وتضيف غادة محمود محمد، التي تعمل في “نوالة” مع زميلتها نعيمة: “قبل بضع سنوات، كنا نستطيع الادخار والاستثمار في تربية الدجاج أو البط أو حتى الماشية. هذا الأمر لم يعد ممكنًا الآن. نصرف أموالنا الآن على الاحتياجات الأساسية والطارئة”.
مسؤوليات إضافية – ولكن بأي ثمن؟
في مصر، يعاني سكان المناطق الريفية من معدلات أعلى للفقر والبطالة والزواج المبكر والأمية والعنف القائم على النوع الاجتماعي مقارنة بالمدن. وتواجه النساء الريفيات التحديات الأكبر، بدءًا من الحواجز النظامية التي تحد من وصولهن إلى الأراضي وملكية الأصول، وصولًا إلى الضغوط الثقافية التي تلزمهن بأداء أعمال غير مدفوعة الأجر، بينما يُستبعدن إلى حدٍّ كبير من عمليات اتخاذ القرار والمناصب القيادية.
ورغم أن النساء يتحملن مسئوليات أكبر في الزراعة والري نتيجة هجرة العديد من الرجال للعمل في المدن أو دول الخليج، فإن هذه الأعباء الإضافية لم تحقق لهن مكاسب اقتصادية أو تمثيلًا أكبر.
لإحداث تغيير إيجابي، تقود نورة مبادرة لإنشاء مساحة مجتمعية رائدة في عزبة الحمراء تُعرف بـ “نادي إشراقة”. ستوفر هذه المساحة بيئة آمنة وداعمة للنساء والشباب المحليين، مما يسهل تمكينهم الاقتصادي.
وتوضح: “لقد وضعنا هدفًا جديدًا لمكون النوع الاجتماعي في مشروع المرونة: أن نكون الأوائل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تمكين الأسر بأكملها. ستستفيد النساء والشباب من التدخلات الاقتصادية والاجتماعية، بينما سيتلقى الرجال تدريبًا على الحلول المرنة الشاملة لإدارة المياه وحماية الطبيعة”.
فجر جديد لنساء عزبة الحمراء
سيُقام النادي الجديد في الجمعية التعاونية الزراعية بقرية العزبة الحمراء، في موقع مركزي يسهل الوصول إليه مشيًا على الأقدام. الهدف الأساسي لنادي إشراقة هو تعزيز قدرات النساء على إنشاء مشاريع صغيرة، سواءً بشكل فردي أو جماعي. وتوضح نورة: “بينما يزرع الرجال الخرشوف، يمكن لزوجاتهم إنشاء وحدة خاصة بتصنيع الخرشوف أو تلقي تدريب على إنتاج السماد العضوي والأسمدة، مع إمكانية اتخاذ قرار بأن يصبحن تاجرات“. وتؤكد نورة أن المركز المجتمعي الجديد سيمنح النساء الوصول إلى الدعم اللازم لبدء وتطوير أعمالهن، بدءًا من أدوات التمويل الصغير، مرورًا بالاستشارات والخدمات التدريبية، وانتهاءً بالروابط مع الأسواق.
لا تزال هناك فجوة كبيرة في الأدلة عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفي سياقات الأزمات حول تأثير التدخلات الاقتصادية والاجتماعية المدمجة في الحد من العنف القائم على النوع الاجتماعي، كما تشرح موراغ باتريك؛ مستشارة التنمية الاجتماعية في إدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية وشئون الكومنولث والتنمية. وتضيف: “بالشراكة مع شركائنا، بدأت وزارة الخارجية وشئون الكومنولث والتنمية بتنفيذ هذا النوع من التدخلات في المناطق الريفية بسوريا، ونخطط لمشاركة معرفتنا وخبرتنا مع مشروع المرونة أثناء إنشاء نادي إشراقة”.
ومع نادي إشراقة، يتهيأ مشروع المرونة التابع لمعهد إدارة المياه الدولي (IWMI) لإحداث تأثير ملموس في حياة النساء الريفيات في مصر، من خلال تزويدهن بالدعم والموارد اللازمة للنجاح والازدهار في القطاع الزراعي، مما يسهم في نهاية المطاف في تحسين إدارة الموارد المائية والتنمية المستدامة.
 
			 
			 
			 
			