يوثق المعهد الدولي لإدارة المياه وشركاؤه الآثار الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية للحلول القائمة على الطبيعة عبر مشروعاته التجريبية الأربعة في مصر، والأردن، ولبنان، والأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يدعم تبنيها على نطاق أوسع.
7 أبريل 2025 | منشور من قبل IWMI
بقلم لويز سارانت، ستيفن فراغاتسي، سوسن غرايبه

على مدى آلاف السنين، تعامل المزارعون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) مع ندرة المياه من خلال أنظمة ري متقدمة مثل القُنُوات [SH1] (قنوات المياه الجوفية)، والفَقارات [SH2] (القنوات المفتوحة)، وتجميع مياه الأمطار، والحقول المدرجة. تدعم هذه الأساليب -المعروفة اليوم باسم الحلول القائمة على الطبيعة (NbS)- الزراعة في أكثر المناطق جفافًا على وجه الأرض في حين تتصدى للتحديات المجتمعية من خلال إدارة النظم الإيكولوجية وتجديدها بشكل مستدام من أجل رفاهية الإنسان والتنوع البيولوجي.
على الرغم من فعاليتها، لا تزال آثار الحلول القائمة على الطبيعة غير موثقة إلى حد كبير، مما يعيق توسيع نطاقها ودمجها في استراتيجيات إدارة المياه الحديثة. و”مشروع المرونة”، المشروع الأبرز التابع للمعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI) المعني بالحلول القائمة على الطبيعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والممول من حكومة المملكة المتحدة، يسعى إلى تغيير ذلك.
لأنك لا تستطيع توسيع نطاق ما لا تعرفه، يوثق مشروع المرونة آثار مشروعاته التجريبية الأربعة في مصر، والأردن، ولبنان، والأراضي الفلسطينية المحتلة لإقناع واضعي السياسات، والجهات المانحة، والقطاع الخاص بإمكانيات توسيع نطاق الحلول القائمة على الطبيعة وجدواها الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية. وتصمم هذه المشروعات التجريبية وتجمع بين الحلول القائمة على الطبيعة من أجل إدارة المياه والمياه الزراعية، والآليات الاجتماعية والسوقية لتناسب الاحتياجات المحلية.
وفي الوقت نفسه، يعمل المشروع على دمج هذه الحلول في الإجراءات الحكومية الجارية وعلى تطوير خطط توسع لكل بلد. “نهدف إلى إظهار أن المشروعات التجريبية يمكن توسيع نطاقها بشكل فردي، أو كحزمة كاملة، أو من خلال العمليات التي استخدمناها لتطويرها في كل موقع”، يشرح ستيفن فراغاتسي، مدير مشروع المرونة.

مثَّل توسيع نطاق الحلول القائمة على الطبيعة موضوعًا رئيسًا في ورشة عمل مشروع المرونة الأخيرة التي عقدت في القاهرة، مصر، وحضرها خبراء فنيون، وواضعو سياسات، ومختصون في البيئة، وشركاء من بلدان المشروع.
وخلال كلمتها الافتتاحية، أكدت أميرة موسى، مستشارة تغير المناخ في وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة، على الأثر الأوسع للمبادرة: “من خلال تطوير حلول مبتكرة قائمة على الطبيعة لإدارة المياه والمياه الزراعية في مصر، والأردن، ولبنان، والأراضي الفلسطينية المحتلة، لا يعزز مشروع المرونة الأمن المائي فحسب، بل يعزز أيضًا مرونة المجتمع عبر المنطقة. ومن خلال تبادل المعارف والتعلم على المستوى الإقليمي، تساعد هذه الحلول العملية على بناء مستقبل أكثر استدامة ومرونة مناخيًا”.
التوسع من حيث الإطارين المؤسسي والمكاني، والحجم، والعمق
تُعد رحلة مشروع المرونة نحو التوسع شاملة وطموحة. تهدف إلى التوسع المؤسسي من خلال استهداف القوانين، والسياسات، والمؤسسات، والتوسع المكاني من خلال تكرار الحلول القائمة على الطبيعة على الصعيدين الوطني والإقليمي، والتوسع في الحجم من خلال توسيع الامتداد، والتوسع في العمق من خلال تشكيل الثقافة، والأعراف، والقيم.
خلال المرحلة القادمة من المشروع -مشروع المرونة+ (AM+)- تشمل تصورات المعهد الدولي زيادة تمكين المجتمعات الريفية باستخدام استراتيجيات تحدث تحولات في النوع الاجتماعي. ومن خلال تدابير مبتكرة، يتصدى مشروع المرونة+ للأعراف الاجتماعية التي تقيد المشاركة الاقتصادية للنساء والشباب. ومن خلال استهداف الأسر، يضمن المشروع المساواة في الوصول إلى الموارد والفرص، مما يساعد المجتمعات على التكيف مع تغير المناخ. وستتوسع جميع المبادرات التجريبية في إطار المرونة بعمق، مع التأكيد على أهمية التحولات الثقافية والمشاركة المجتمعية في تحقيق مرونة دائمة في إدارة الموارد الطبيعية والتكيف الناجح مع تغير المناخ.
“يتعلق التوسع العميق بتغيير العقول والقلوب، أي طريقة تعاملنا مع الطبيعة، والمياه، وبعضنا البعض”، تقول سوسن غرايبه، مديرة النوع الاجتماعي في مشروع المرونة.


طموحات توسيع نطاق مشروعات المرونة التجريبية
مع بدء الشركاء الوطنيين في وضع خططهم لتوسيع نطاق مشروعاتهم في إطار مشروع المرونة في مصر، والأردن، ولبنان، والأراضي الفلسطينية المحتلة، بدأت تظهر اتجاهات مثيرة للاهتمام.
“تفتقر فلسطين حاليًا إلى إطار حوكمة يعترف بالحلول القائمة على الطبيعة. على الرغم من أننا نستخدم استراتيجيات مثل معالجة مياه الصرف الصحي، وتجميع مياه الأمطار، والاستجابة للفيضانات، وإدارة إعادة ملء طبقات المياه الجوفية، فإنها لا تُصنَّف رسميًا على أنها حلول قائمة على الطبيعة”، شرحت ماجدة علاونه من سلطة المياه الفلسطينية. وأضافت: “من خلال دمج الحلول القائمة على الطبيعة في سياسات إدارة المياه، نستطيع أن نوسع نطاق المبادرات بفعالية أكبر ونحسن إدارة المياه ككل”.
بالإضافة إلى توسيع النطاق المؤسسي، سيتوسع المشروع التجريبي التابع لمشروع المرونة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعمق من خلال تحسين الفرص الاقتصادية والديناميكيات الاجتماعية في مجتمع المشروع التجريبي. وسيعزز المشروع الإنتاجية الزراعية والدخل من خلال إيجاد مساحات آمنة للمرأة كي تبيع المنتجات بالقرب من نبع معاد تأهيله، وإشراك الشباب في الزراعة، وتحسين توافر المياه من أجل محاصيل أصح. “هدفنا له شقان: ضمان أقصى استفادة مجتمعية في وادي الفارعة والتوسع في قرية الباذان المجاورة”، قال أيمن الرابي، المدير التنفيذي لمجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين، شريك مشروع المرونة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أما عن عمرو عبد المجيد، المدير الإقليمي لبرنامج الحوكمة البيئية في مركز البيئة والتنمية للمنطقة العربية وأوروبا (سيداري)، الشريك المصري لمشروع المرونة، فيرى أن الأثر الدائم في مصر يتطلب التأثير في السياسات من خلال وضع تعريف رسمي للحلول القائمة على الطبيعة عبر الوزارات المعنية، وتبسيط قنوات الاتصال للمزارعين، وتدعيم الملكية المحلية. وأشار حسني عزام، نائب وزير الزراعة في محافظة البحيرة، إلى أن المزارعين المصريين -الذين يتوخون الحذر بطبيعتهم- من المرجح أكثر أن يستخدموا الحلول القائمة على الطبيعة بعد أن يروا نجاحًا مؤكدًا في مجتمعاتهم.
بعد توثيق نتائج مشروع وادي السير التجريبي في الأردن، يخطط الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، شريك مشروع المرونة المنفِّذ، للتوسع عبر تكرار تدخلاته الناجحة في مجالي المياه والبيئة الزراعية في سياقات مشابهة مجاورة.
يركز المشروع التجريبي اللبناني في رأس بعلبك على إنشاء بنية تحتية قائمة على الطبيعة للتحكم في الفيضانات وتحسين إعادة ملء المياه الجوفية. ولتعظيم الأثر، سيتوسع لبنان في حجم المشروع من خلال وضع خطة إدارة فيضانات شاملة لمستجمع مياه بعلبك البالغ مساحته 250 كم2. “من خلال دمج سيناريوهات المناخ والنماذج الهيدرولوجية، نستطيع أن نحدد حلولًا عملية قائمة على الطبيعة تخدم الاحتياجات الفورية وطويلة الأجل”، أشار حَكَم مندوري، المدير القطري في الاتحاد الدولي لصون الطبيعة في لبنان.مع دخول مشروع المرونة عامه الأخير، لن يقاس نجاحه بنتائج المشروعات التجريبية فحسب، بل بجودة الدروس المستفادة منه في تشكيل السياسات، والاستثمارات، والإجراءات من أجل مرونة مائية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
