تعزيز المساواة بين الجنسين من خلال البحوث التطبيقية من أجل التنمية الداعمة للقدرة على التكيُّف مع الجفاف واستعادة الأراضي

إن تعزيز المساواة بين الجنسين أثناء تنفيذ تدابير التكيُّف مع تغيُّر المناخ هو واجب سياسي وأخلاقي.

19 يونية 2023 | بقلم IWMI

كُتب بواسطة:

  • ستيفن فراغاتسي؛ مستشار، المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI) – مصر
  • مها الزعبي؛ باحثة إقليمية، المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI)  الأردن
  • خافيير ماتيو-ساغاستا؛ باحث أول ومنسق – جودة المياه، المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI)
  • نهى محمود؛ منسقة المشروع، المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI) – مصر
  • يوسف بروزين؛ ممثل المعهد الدولي لإدارة المياه، وقائد أنظمة المياه في المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR) – منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
  • فيديشا ساماراسيكارا؛ مديرة البرنامج الاستراتيجي – المياه – تغيُّر المناخ والقدرة على الصمود
نساء يقمن بعملية تعبئة البصل في مزرعة بصل في مصر
تصوير: هاميش جون آبلبي / المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI)

يُعدُّ تعزيز المساواة بين الجنسين أثناء تنفيذ التكيف مع تغير المناخ واجبًا سياسيًّا وأخلاقيًّا. وتُظهر البحوث التطبيقية من أجل التنمية، التي يجريها المعهد الدولي لإدارة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أنَّ ذلك يمكن أن يكون فعَّالًا ومؤثرًا أيضًا، ولا سيما عند تنفيذه من خلال تدخُّلات موجَّهة للفقراء، قائمة على السوق، ومستوحاة من الطبيعة. وقد دمج عمل المعهد الدولي لإدارة المياه في المنطقة هذه النُّهج والأهداف منذ زمن طويل، وقد نُفِّذ بما يتماشى مع المبادئ الثلاثة التي يستند إليها “جدول أعمال العمل من أجل المياه” الذي انبثق عن مؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2023:

  • الالتزام نحو التنفيذ؛
  • استدامة التنفيذ وتوسيع نطاقها؛
  • متابعة العمليات ومراجعتها.

تطبيق المبادئ في مشروع إعادة استخدام المياه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (ReWater MENA

أسهم مشروع “إعادة استخدام المياه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي اختُتم مؤخرًا، في تحسين وصول النساء إلى الموارد- وخاصة المياه النظيفة- التي تدعم القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف وتمنع تدهور الأراضي. وقد هدف المشروع إلى معالجة العوائق أمام إعادة استخدام المياه وتعزيز ممارسات الاستخدام الآمن التي تحسِّن أمن المياه والغذاء، وسلامة الغذاء، وصحة الإنسان والتربة، وسبل العيش. وقد حقق المعهد الدولي لإدارة المياه ذلك من خلال:

  1. تحليل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والسياسية التي تواجهها المزارعات في الحصول على المياه وغيرها من الموارد المرتبطة بالزراعة.
  2. تحديد تقنيات إعادة الاستخدام الناجحة، بالإضافة إلى نماذج الأعمال والحَوْكمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتوضيح كيفية تكييفها بنجاح مع سياقات جديدة.
  3. تطوير مواد تدريبية وأدلة إرشادية وتقديم التدريب. وقد استهدف بناء القدرات هذا الأطراف الفاعلة على المستويات الصغرى (الأفراد، المشاريع الصغيرة)، والمتوسطة (الجمعيات، شركات المرافق… إلخ)، والكبرى (الوكالات الحكومية الوطنية، والمؤسسات الدولية… إلخ). وكان الهدف مساعدة أصحاب المصلحة على معالجة العوائق المحددة ودعم تبنِّي التقنيات الناجحة وكذلك نماذج الأعمال والحَوْكمة.
  4. إعداد مقترحات لمشاريع إعادة استخدام المياه الجاهزة للاستثمار في مصر والأردن ولبنان، بالاستفادة من النماذج الناجحة إقليميًّا، مع دمج مكوِّنات المساواة بين الجنسين، وإبراز نسب المنافع إلى التكاليف الإيجابية.  

وقد أظهر مشروع إعادة استخدام المياه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التزامًا قويًّا نحو التنفيذ، مع تركيز كبير على تحسين البيئة التمكينية لتنفيذ وتوسيع نطاق المشاريع التي تراعي على المساواة بين الجنسين، وتتماشى بشكل مباشر مع الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة: المياه النظيفة والصرف الصحي للجميع، وغيرها من الأهداف ذات الصلة. 

تطبيق الدروس والمبادئ في التنفيذ

يبني المعهد الدولي لإدارة المياه والمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية الأوسع – بالتعاون مع شركاء دوليين وإقليميين مثل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) والمنظمة العربية للتنمية الزراعية (AOAD) ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، إضافةً إلى أصحاب المصلحة الوطنيين من الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية- على هذا الزخم وهذه المعرفة المكتسبة.

ونحن الآن نتقدم نحو مرحلة التنفيذ الفعلي وتوسيق نطاق التكيُّف مع تغيُّر المناخ من خلال مبادرات إقليمية جديدة مثل:

القواسم المشتركة في نهج المعهد الدولي لإدارة المياه للتنفيذ

رغم اختلاف هذه المبادرات بدرجة كبيرة من حيث النطاق والتركيز، فإنها تشترك في عناصر أساسية تتعلق بـ:

  1. التصميم التشاركي؛
  2. استخدام الآليات السوقية؛
  3. دعم القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف واستعادة الأراضي؛
  4. دمج مخرجات المساواة بين الجنسين في صميم عملها.

تعمل مبادرة “من الهشاشة إلى القدرة على الصمود في وسط وغرب آسيا وشمال إفريقيا “على معالجة أوجه التفاوت بين الجنسين في المنطقة، بينما تستجيب لتحديات المناخ والتغذية والنظم الزراعية الغذائية من خلال تطبيق حلول فعَّالة تركز على الصمود، وتوسيع نطاقها، ودعمها، وذلك للحد من الهشاشة والنزاعات. أما مشروع “المرونة” فسوف يسهم في تعزيز الأمن المائي وإدارة الأراضي من خلال تنفيذ مشروعات تجريبية للحلول المرنة لإدارة المياه وحماية الطبيعة، وهي التطبيق المتكامل للحلول القائمة على الطبيعة في إدارة المياه وإدارة مياه الزراعة، ودعم توسيع نطاقها. 

وقد جرى تطوير مبادرة “من الهشاشة إلى القدرة على الصمود في وسط وغرب آسيا وشمال إفريقيا” عبر عملية تشاركية، إدراكًا بأن التحديات والفرص الفريدة في منطقة وسط وغرب آسيا وشمال إفريقيا لن يُمكن التعامل معها بفعالية أكبر إلا عبر رأس المال الفكري والتقني والبشري والاجتماعي الناتج عن الشراكة مع الأطراف المعنية من الشركاء وأصحاب المصلحة والمستفيدين. وقد وقد أولت عملية التصميم اهتمامًا خاصًّا بمشاركة المرأة وتمكينها لمعالجة العقبات المرتبطة بالنوع الاجتماعي مثل محدودية الوصول إلى التكنولوجيا والمعلومات وحقوق الأراضي وذلك لتحقيق النتائج المرجوة في مجال المساواة بين الجنسين. أما مشروع “المرونة” فقد اعتمد نهج التمكين (EMPOWERS) لدعم التخطيط المجتمعي المتكافئ بين الجنسين لمشروعات تجريبية للحلول المرنة لإدارة المياه وحماية الطبيعة، بهدف معالجة تحديات مثل الفيضانات المفاجئة وتدهور المياه الجوفية في لبنان وملوحة التربة في مصر. وعلى الصعيد الوطني، سوف يسهم إشراك “أبطال المساواة بين الجنسين” في دعم إدماج المنظور الجندري في بناء القدرات المؤسسية والسياسات وتوسيع نطاق مكونات المشروع.

يعتمد المشروعان معًا على سلاسل القيمة السوقية لدعم توسيع النطاق. ففي مبادرة “من الهشاشة إلى القدرة على الصمود في وسط وغرب آسيا وشمال إفريقيا” يشمل ذلك مكونات واسعة؛ مثل العمل عبر أنظمة إكثار وتوزيع البذور، واستخدام الأدوات الرقمية. أما مشروع المرونة فيركِّز على تطوير أنظمة السوق المحلية، مع التركيز على سلع محددة (مثل النباتات الطبية والعطرية) وخدمات (مثل التخفيف من التعرية أو تحسين جودة المياه) مرتبطة بتدخلات الحلول المرنة لإدارة المياه وحماية الطبيعة. وسيسهمربط المجتمعات الريفية -خصوصًا التعاونيات النسائية والمنظمات المجتمعية- بالموارد والمعرفة والشبكات في تمكينها من تبنِّي ممارسات زراعية وإدارة مياه مبتكرة ومربحة ومستدامة. 

يتطلب الانتقال العادل في التكيُّف مع تغيُّر المناخ بذل جهود عميقة لمعالجة التحديات المترابطة والمتمثلة في تدهور الأراضي،والأمن المائي والغذائي، وأوجه عدم المساواة بين الجنسين، والتنمية العادلة. ومن خلال دعم النساء للاستفادة من إمكانات الحلول القائمة على الطبيعة في إدارة المياه والزراعة عبر أنظمة السوق، يسهم المعهد الدولي لإدارة المياه في الإدارة المستدامة للأراضي، وتعزيز القدرة على الصمود، وتحسين سبل العيش للفئات الفقيرة. وفي نهاية المطاف، سيسهم هذا النهج في تحقيق المساواة بين الجنسين، والحد من الفقر، وضمان الانتقال العادل من خلال تعزيز قطاع زراعي شامل ومستدام ومزدهر ونظم غذائية مرنة.

Comments are closed.